«

»

التشبه بالكفار فتنة

بسم الله الرحمن الرحيم

اعلموا أن الله تعالى قد حذرنا من الفتن فقال :﴿ واتّقُوا فتنةً لا تُصيبنّ الّذين ظلمُوا منكُم خاصّةً واعلمُوا أنّ اللّه شديدُ العقاب ﴾.

ونهانا من مخالفة نبيه فقال تعالى:﴿ فليحذر الّذين يُخالفُون عن أمره أن تُصيبهُم فتنةٌ أو يُصيبهُم عذابٌ أليمٌ﴾.

وإن التشبه بالكافرين من الفتن المضلة ومن المخالفات المزلة, يقول الله تعالى في كتابه الكريم :﴿ولا تكونوا كالذين نسو الله فأنساهم أنفسهم ﴾ فنهى الله تعالى عن التشبه بالكفار والفاسقين.

ويقول سبحانه وتعالى :﴿ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم ﴾.

وقال سبحانه وتعالى أيضا: ﴿ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواءً ﴾ فأخبر تعالى أنهم يودون من المسلمين أن يطاوعوهم ويتشبهوا بهم في كل صغيرة وكبيرة, وهذا مما نراه هذه الأيام, فانظر إلى المسلمين كيف طاوعوهم في كثير من أمورهم.

وقد صح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: «من تشبه بقوم فهو منهم » رواه أحمد عن عبد الله بن عمر.

وذكر شيخ الإسلام في اقتضاء الصراط المستقيم ( أن التشبه بالكفار أقل أحواله أنه من كبائر الذنوب) لهذا الحديث.

قال رحمه الله اقتضاء الصراط المستقيم : (1 / 414) تحقيق العقل.

وهذا يقتضي أنه جعله كافرا بمشاركتهم في مجموع هذه الأمور، أو جعل ذلك من الكبائر الموجبة للنار، وإن كان الأول ظاهر لفظه، فتكون المشاركة في بعض ذلك معصية ؛ لأنه لو لم يكن مؤثرا في استحقاق العقوبة لم يجز جعله جزءًا من المقتضى.

وقال رحمه الله: (1 / 453)

فصل مشابهتهم فيما ليس من شرعنا قسمان :

أحدهما :مع العلم بأن هذا العمل هو من خصائص دينهم ؛ فهذا العمل الذي هو من خصائص دينهم :

إما أن يفعل لمجرد موافقتهم -وهو قليل- وإما لشهوة تتعلق بذلك العمل، وإما لشبهة فيه تخيل أنه نافع في الدنيا أو الآخرة، وكل هذا لا شك في تحريمه، لكن يبلغ التحريم في بعضه إلى أن يكون من الكبائر، وقد يصير كفرا بحسب الأدلة الشرعية .

وقال رحمه الله: (1 / 214) وهذا الحديث أقل أحواله أن يقتضي تحريم التشبه بهم ، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم كما في قوله : { وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ }.

فاحذر يا عبد لله أن تتشبه بمن كفروا بالله فتُغضب ربك فأنت تقول في كل صلاة ﴿ اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين﴾ . والمغضوب عليهم هم اليهود والضالون هم النصارى.

قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره (1 / 142):

قال الضحاك، وابن جُرَيْج، عن ابن عباس: { غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ } اليهود، { ولا الضالين} هم النصارى.

وكذلك قال الربيع بن أنس، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وغير واحد.

وقال ابن أبي حاتم: ولا أعلم بين المفسرين في هذا اختلافًا.

وشاهدنا ما قاله هؤلاء الأئمة من أن اليهود مغضوب عليهم، والنصارى ضالون، فالله الله أيها المسلمون احذروا أفكار الغرب ومناهجهم وأفكارهم ولباسهم ولا لاتنخـدعوا بالحزبيات والتفرقات الـواردة من عندهم لتمزيق المسلمين وإبعادهم عن الكتاب والسنة والعلم النافع.

ومن الأمثلة للتشبه بالكافرين التي انخدع بها كثير من المسلمين:

1ـ الحزبية وتفرق المسلمين, ومن آثارها المظاهرات والخروج على الحكام المسلمين, قال الله تعالى:﴿ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون ﴾.  

2ـ الانتخابات, والديمقراطية, التي هي حكم الشعب نفسه بنفسه وبلا شك أنها من التشبه بأعداء الله.

3ـ لباس البنطال, وهو محرم للرجال والنساء لما فيه من التشبه بلباس الكفار.

4ـ حلق اللحى, وقد نهى عنه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال: «خالفوا المشركين، عفوا اللحى وجزوا الشوارب». وفي رواية: «خالفوا المجوس».

5ـ اخـتلاط الرجال والنساء, سواءً في المدارس أو الوظائف فهو محرم بالكتاب والسنة وإجماع من يعتبر به من العلماء, قال الله تعالى في حق أمهات المؤمنين:﴿ وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن﴾ فكيف بغيرهن؟.

6- التكلم بلغتهم من غير حاجة ولا ضرورة.

وقد بين حرمة ذلك شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله في كتابه الفريد اقتضاء الصراط المستقيم, فارجع إليه واعمل بأدلته فما أحوج المسلمين إلى دراسته وتدريس مثله من الكتب.

7ـ طلب العلم من أجل الدنيا. قال الله تعالى في حق اليهود: ﴿ اشتروا بآيات الله ثمنا قليلاً ﴾.

8- طاعة العلماء والأمراء في تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل الله قال تعالى عن اليهود والنصارى ﴿اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا من دون الله ..﴾ الآية .وما كانوا يعبدونهم ولكن يطيعونهم في تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل الله وتلك العبادة لغير الله.

ولما كان المسلم عزيزًا بدينه ظاهرًا بالإسلام قويًا بالإيمان, كان من كمال عزته ترك التشبه بأعداء الدين.

واعلم أنه ما رغب كثير من الناس في التشبه بالكفار إلا لجهلهم بفضل هذا الدين وعزته وأحكامه.وإليك بيان شيء من فضل الإسلام.

وفي رسالتنا إتحاف الأنام بمحاسن وتيسير دين الإسلام بسط طيب مزيد فائدة إن شاء الله .

الإسلام هو دين الله تعالى

قال الله تعالى: ﴿ومن يبتغ غير الإسلام دينًا فلن يقبل منه﴾.

وقال الله عزوجل: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ورضيت لكم الإسلام دينًا﴾.

قال الإمام مسلم رحمه الله تعالى (3017):

حَدَّثَنِي أَبُو خَيْثَمَةَ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَاللَّفْظُ لِابْنِ الْمُثَنَّى قالا حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَهُوَ ابْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ أَنَّ الْيَهُودَ قالوا لِعُمَرَ: إِنَّكُمْ تَقْرَءُونَ آيَةً لَوْ أُنْزِلَتْ فِينَا لَاتَّخَذْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيدًا، فَقال عُمَرُ: إِنِّي لَأَعْلَمُ حَيْثُ أُنْزِلَتْ، وَأَيَّ يَوْمٍ أُنْزِلَتْ، وَأَيْنَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حَيْثُ أُنْزِلَتْ أُنْزِلَتْ بِعَرَفَةَ، وَرَسُولُ الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ -قال سُفْيَانُ أَشُكُّ- كَانَ يَوْمَ جُمُعَةٍ أَمْ لَا يَعْنِي ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي﴾.

وقال الإمام الترمذي رحمه الله تعالى (3726):

حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَاصِمٍ قال سَمِعْتُ زِرَّ بْنَ حُبَيْشٍ يُحَدِّثُ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال لَهُ: «إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ» فَقَرَأَ عَلَيْهِ ﴿لَمْ يَكُنْ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ﴾ فَقَرَأَ فِيهَا: «إِنَّ ذَاتَ الدِّينِ عِنْدَ الله الْحَنِيفِيَّةُ الْمُسْلِمَةُ لَا الْيَهُودِيَّةُ وَلَا النَّصْرَانِيَّةُ، مَنْ يَعْمَلْ خَيْرًا فَلَنْ يُكْفَرَهُ» وَقَرَأَ عَلَيْهِ: «وَلَوْ أَنَّ لِابْنِ آدَمَ…. ».

     ولذا الإسلام نسخ الشرائع والأديان الأخرى

قال الله تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ الله وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاءَ الله لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ﴾ (المائدة:48).

وقال: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ (آل عمران:85).

وقال: ﴿أَفَغَيْرَ دِينِ الله يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ﴾ (آل عمران:83).

وقال الإمام مسلم رحمه الله تعالى (153):

حدثني يونس بن عبدالأعلى أخبرنا ابن وهب قال وأخبرني عمرو أن أبا يونس حدثه عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: «والذي نفسي محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار».

وقال الإمام البخاري رحمه الله تعالى: (4981):

حدثنا قتيبة حدثنا ليث عن نافع أن ابن عمر كان إذا سئل عن نكاح النصرانية واليهودية؟ قال: إن الله حرم المشركات على المؤمنين ولا أعلم من الإشراك شيئا أكبر من أن تقول المرأة ربها عيسى وهو عبد من عباد الله.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام هذه HTML الدلالات والميزات: