«

»

العلامة الرابعة البعد عن العلم مع التزهيد فيه

البعد عن العلم مع التزهيد فيه

قال الله تعالى: ﴿ وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ﴾ [ المائدة: ٤٩].

يقول الله عز وجل: ﴿ إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ * هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ الله فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ﴾ [ محمد: ٣٨ ].

وهذه العلامة قريبة من الأولى، إلا أن هذه أشد، لأنهم أولا يبتعدون عن العلماء ثم عن العلم ثم يزهدون فيه طلابهم وذويهم قاتلهم الله.

يقول الله عز وجل ﴿ فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلَا تَعْجَلْ بِالقرآن مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضـَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾ [طه/114].

ويقول أيضا ﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آَنِفًا أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ ﴾ : [ محمد١٧]

ويقول الله: ﴿ وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ﴾ [التوبة: ١٢٤ ]. . . الخ.

ويقول: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ [ المجادلة: ١١]

فمن تراه بعيدا عن الحق وأهله وبعيدًا عن العلم الذي أنزله الله مبصرًا للناس وهاديًا للخلق وهاديًا إلى الحق ترى أحدهم لا يحب العلم ولا يدل عليه ولا يصبر عليه ولا يسأل فيما أشكل عليه ولو سقنا الأدلة على حرص الصحابة قريبهم، وبعيدهم، أعرابيهم، وغيره على حرصهم على العلم وسؤالهم رسول الله ﷺ لكان مجلدًا مستقلًا ولكن إذا أراد الله بعبد شرًا أبعده عن العلم فيرى نفسه كبيرهم وهو صغير وعالمًا وهو جهول وأهلا وهو لا يدري فقه الصلاة ولا فقه حيض امرأته.

وقد سألني أحد طلبة القرضاوي والشعراوي قال بكل وقاحة: إلى متى ستجلسون عند أبي هريرة وحدثنا وأخبرنا؟.

فقلت له: نسأل الله أن يثبتنا على الحديث حتى الموت وأن يلهمنا الصبر في طلبه.

وهذا ديدنهم وطعنهم في أهل الحديث وحملة العلم، واضح بين فلا حول ولا قوة إلا بالله.

وقد كان السلف يتهمون من يقول مثل هذا بالنفاق والزندقة.

قال الحاكم: سمعت الشيخ أبا بكر أحمد بن إسحق بن أيوب الفقيه وهو يناظر رجلا فقال الشيخ أبو بكر حدثنا فلان فقال له الرجل دعنا من حدثنا إلى متى حدثنا فقال الشيخ له قم يا كافر فلا يحل لك أن تدخل داري بعد هذا أبدا ثم التفت إلينا وقال ما قلت لأحد ما تدخل داري إلا هذا.

وقال الحاكم أبو عبد الله الحافظ سمعت أبا علي الحسين بن علي الحافظ يقول سمعت أحمد جعفر بن مناف الواسطي يقول سمعت أحمد بن سنان القطان يقول ليس في الدنيا مبتدع إلا وهو يبغض أهل الحديث فإذا ابتدع الرجل نزعت حلاوة الحديث من قلبه.

وقال: سمعت أبا الحسن محمد بن أحمد الحنظلي ببغداد يقول سمعت محمد بن إسماعيل الترمذي يقول كنت أنا وأحمد عبدالله أحمد بن حنبل فقال له أحمد بن الحسن يا أبا عبدالله ذكروا لابن أبي قتيلة بمكة أصحاب الحديث فقال أصحاب الحديث قوم سوء فقام أحمد بن حنبل وهو ينفض ثوبه ويقول زنديق زنديق حتى دخل البيت.

وقال سمعت أبا نصر أحمد بن سهل الفقيه ببخاري يقول سمعت أبا نصر بن سلام الفقيه يقول ليس شيء أثقل على الإلحاد ولا أبغض إليهم من سماع الحديث وروايته بإسناده

كما قال الله: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا القرآن وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ * فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَابًا شَدِيدًا وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [فصلت: ٢٦].

وقال البربهاري رحمه الله: إذا سمعت الرجل يطعن على أهل الأثر ولا يقبلها أو ينكر شيئا عن أخبار رسول الله ﷺ فاتهمه على الإسلام فإنه رجل رديء القول والمذهب وإنما طعن على رسول الله ﷺ.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام هذه HTML الدلالات والميزات: