«

»

عدم تبديع المبتدعة والهدنة معهم

عدم تبديع المبتدعة والهدنة معهم

وهذا الأمر الخطير، لا نقصد به باب الاجتهاد، ولا من كان جاهلًا بأمر المبتدع أو لم يصله أقوال العلماء فيه وأحسن به الظن فلا يبدع، ولكن نقصد ما كان من باب الهوى أو من عاند الحجة والبرهان.

وعجبًا !! من هذا الصنف ممن رأيته معارضا للعلماء الذين يبدعون رجلًا وقد تبين إعراضه عن أهل السنة بل وربما قدح في أهل الحديث وتكلم فيه علماء السنة العاملون فاعلم أن هذا الساكت الذي يقول ما تبين لي –زعم– من أخطر أهل البدع فانه لا يزال متعبًا لأهل الحق مريضًا مذبذبًا في كل فتنة شاكًا تائهًا.

فلا بد من التسليم لكلام الله وكلام رسوله ومن الرجوع لأهل العلم والتسليم لهم وهذا عليه أدلته من الكتاب والسنة وإجماع الأمة.

ولذا جعل العلماء الواقفة شر أهل البدع أي الذين لم يتكلموا بالحق في فتنة خلق القرآن.

وقد قال الإمام البربهاري رحمه الله: ومن سكت فلم يقل مخلوق ولا غير مخلوق فهو جهمي.

وقال الإمام أحمد: ومن قال: لا أقول مخلوق ولا غير مخلوق وإنما هو كلام الله فهو مبتدع فإنما هو كلام الله غير مخلوق.اهـ من أصول أهل السنة.

قال الشيخ الفوزان (2 / 3):

لا يجوز تعظيم المبتدعة والثناء عليهم ولو كان عندهم شيء من الحق، لأن مدحهم والثناء عليهم يروج بدعتهم، ويجعل المبتدعة في صفوف المقتدى بهم من رجالات هذه الأمة، والسلف حذرونا من الثقة بالمبتدعة ومن الثناء عليهم ومن مجالستهم، وفي بعض أقوالهم يقولون: [ من جلس إلى مبتدع فقد أعان على هدم السنة ]، فالمبتدعة يجب التحذير منهم ويجب الابتعاد عنهم ولو كان عندهم شيء من الحق، فإن غالب الضُلال لا يخلون من شيء من الحق، ولكن ما دام عندهم ابتداع وعندهم مخالفات، وعندهم أفكار سيئة فلا يجوز الثناء عليهم ولا يجوز مدحهم ولا يجوز التغاضي عن بدعتهم لأن في هذا ترويج للبدعة وتهويلاً من أمر السنة، وبهذه الطريقة يظهر المبتدعة، ويكونون قادة للأمة لا قدر الله، فالواجب التحذير منهم، وفي أئمة السنة الذين ليس عندهم ابتداع في كل عصر ولله الحمد فيهم الكفاية للأمة، وهم القدوة، فالواجب اتباع المستقيم على السنة، الذي ليس عنده بدعة، وأما المبتدع فالواجب التحذير منه، والتشنيع عليه، حتى يحذره الناس وحتى ينقمع هو وأتباعه، وإما كون عنده شيء من الحق فهذا لا يبرر الثناء عليه، لأن المضرة التي تحصل بالثناء عليه أكثر من المصلحة لما عنده من الحق، ومعلوم أن قاعدة الدين [أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح ]، وفي معادة المبتدع درء مفسدة عن الأمة ترجح على ما عنده من المصلحة المزعومة إن كانت، ولو أخذنا بهذا المبدأ لم يُضلل أحد ولم يُبدَّع أحد لأنه ما من مبتدع إلا وعنده شيء من الحق وعنده شيء من الالتزام، المبتدع ليس كافراً محضاً، ولا مخالفاً للشريعة كلها، وإنما هو مبتدع في بعض الأمور أو في غالب الأمور، وخصوصاً إذا كان الابتداع في العقيدة وفي المنهج فإن الأمر خطير لأن هذا يصبح قدوة ومن حينئذٍ تنتشر البدع في الأمة وينشط المبتدعة في ترويج بدعهم اهـ.

ثم قال: فهذا الذي يمدح المبتدعة ويشَّبه على الناس بما عندهم من الحق هذا أحد أمرين:

إما إنه جاهل، جاهل بأمر البدعة وجاهل بأمر السلف وموقفهم من المبتدعة وهذا الجاهل لا يجوز أن يتكلم ولا يجوز للمسلمين أن يستمعوا له.

وإما أنه مغرض: يعرف خطر البدعة ويعرف خطر المبتدعة ولكنه مغرض يريد أن يروج للبدعة، فعلى كل حال هذا أمر خطير وهذا أمر لا يجوز ولا يجوز التساهل في البدعة وأهلها مهما كانوا.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام هذه HTML الدلالات والميزات: