فتنة الكرة لعب ولهو وفتنة لكل مفتون
بسم الله الرحمن الرحيم
يقول الله تعالى: ﴿اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الخَاسِرُونَ﴾[المجادلة:19].
ويقول الله تعالى: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ العَدَاوَةَ وَالبَغْضَاءَ فِي الخَمْرِ وَالمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾[المائدة:91].
وقد تسلط الشيطان على كثير من المسلمين بما يسمى (لعب الكرة) وهي وإن كان فيها بعض المصالح، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله قال : (ولعب الكرة إذا كان قصد صاحبها المنفعة للخيل والرجال؛ بحيث يستعان بها على الكر والفر، والخروج والدخول، ونحوه في الجهاد، وغرضه الاستعانة على الجهاد الذي أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم، فهو حسن.) اﻫ الفتاوى المصرية (251).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: (ممارسة الرياضة جائزة، إذا لم تله عن شيء واجب، فإن ألهت عن شيء واجب فإنها تكون حرامًا، وإن كانت ديدن الإنسان؛ بحيث يكون غالب وقته، فإنه مضيعة للوقت، وأقل أحوالها الكراهة، أما إذا كان الممارس للرياضة ليس عليه إلا سروال قصير يبدو منه فخذه أو أكثر، فإنه لا يجوز.) اﻫ أسئلة مهمة ص (27).
فهي لمن أراد التقوية والنشاط مباحة، لمن ابتعد عن المفاسد والمحرمات التي يمارسها أصحابها. فإليكها باختصار:
1 – التشبه بالكفار في نظام الفريقين، وقد نهينا عن التشبه بالكفار وعدّه بعض أهل العلم من الكبائر؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من تشبه بقوم فهو منهم» وقوله: «لا تشبهوا بالكفار». وقوله تعالى: ﴿وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ﴾[الحشر:19]. وغير ذلك من الأدلة، التي سبقت.
2 – التحزب والتفرق والأضغان بين اللاعبين، ولا يجوز استعمال ما كان سببًا إلى ذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانًا».
فكم يحصل من وراء هذه المفسدة من هجر، وضرب، وقتل، وطلاق، وفرقة يذمها الإسلام، فهذا محرم. فإذا وُجِد لعبٌ من دون بغضاء أو انقسام فريقين، فهو جائز، تُركض بينهم، وتتداول للنشاط والقوة.
3 – الضرر بالأبدان في اللعب المصاحب للتحزب والتعصب ، وقد قال الله تعالى: ﴿وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾[النساء:29]. وفد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا ضرر ولا ضرار». وقال صلى الله عليه وسلم: «من قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة».
4 – أن اللعب بالكرة يضيع الصلاة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من ترك الصلاة فقد كفر». رواه مسلم. وقال صلى الله عليه وسلم: «الذي تفوته صلاة العصر كأنما وتر أهله وماله». رواه البخاري. وقال صلى الله عليه وسلم: «من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله» وعلى هذا يحرص أعداء الله أن يكون اللعب في أوقات الصلوات، أو قبل صلاة الفجر.
5 – أن اللعب بالكره يعلق قلب العبد بها، ويلهي عن ذكر الله، والعلم النافع، والعمل الصالح. وكل ما شغل عن ذكر الله فهو حرام؛ لقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ العَدَاوَةَ وَالبَغْضَاءَ فِي الخَمْرِ وَالمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾[المائدة:91].
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «تعس عبد الدينار، تعس عبد الخميصة، تعس عبد الخميلة». رواة البخاري.
وهذا العبد لم يكن يسجد للدنيا، ولا يركع، ولكن يتعلق بها من دون الله، ويشتغل بها عن طاعة الله، وتلهيه عن ذكر الله. وفعلًا، فبعض الناس يتعلق بالكرة ونحوها من أمور اللعب وزينة الحياة الدنيا، فيكون عبدًا لغير الله. فلا يجوز أن نعلق قلوبنا بغير الله، فإنه خلل في توحيد رب الأرباب سبحانه.
6 – كشف العورة من الفخذ عند كثير من لاعبي الكرة، وهو سبب ووسيلة لكشف العورة المغلظة المتفق على تحريم كشفها عند العلماء.
7 – التعرض للتصوير في بعض الملاعب؛ سواءً في التلفاز، أو الكيمرات اليدوية، وهذا حرام في دين الله، قال صلى الله عليه وسلم: «من صور صورة عذب بها يوم القيامة». متفق عليه.
وقال صلى الله عليه وسلم: «كل مصور في النار». متفق عليه.
وقال أبو جحيفة رضي الله عنه: ولعن رسول صلى الله عليه وسلم المصور. رواه البخاري.
8 – وقد تشتمل على أخذ الجوائز للفائز، وهو من أكل المال بالباطل، وعلى الميسر المحرم، وهو محرم باتفاق، وإن كان بالأخذ من المشاهدين فهو مكروه عند كثير من الفقهاء.
ولذا أوصي كل مسلم ومسلمة بالمحافظة على ديننا الذي هو رأس مالنا، وعصمة أمرنا، وسبيل نجاتنا، وقوام حياتنا، وألا يشغلنا عنه لا قليل ولا كثير من حطام الدنيا وزخرفها، وأن يحرصوا على الصلوات في أوقاتها، حيث ينادى بها، وأن يحرصوا على الأخوة والمحبة بينهم.
والمحافظة على الصحة والقوة أمر مطلوب ومحبوب، فقد شُرع لنا السباق والجري والنسلان والجهاد، والمؤمن القوي خير، واللعب بالكرة مباح إذا خلا عن الأمور والمفاسد المحظورة شرعًا.
وواحد من المفاسد المذكورة يجعل اللعب بها مكروها أو محرمًا.
نسأل الله أن يوفق المسلمين لإقامة دينهم، وعدم التشبه بأعدائهم، وأن ينجيهم من الخلاف، والتحزب، والفرقة، والتعصب.
مرتبط