بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله القائل في محكم كتابه : ( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة ) [ الروم : 21 ] . والصلاة والسلام على نبيه محمد ﷺ الذي ورد عنه فيما ثبت من حديثه : [ تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة . رواه أحمد والطبراني بسند حسن
وبعد فإن لمن تزوج وأراد الدخول بأهله آدابا في الإسلام قد ذهل عنها أو جهلها أكثر الناس ( ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إمامًا ) . [ الفرقان : 74 ] .
وإليك بعض الآداب :
1 – ملاطفة الزوجة عند البناء بها : يستحب له إذا دخل على زوجته أن يلاطفها كأن يقدم إليها شيئا من الشراب ونحوه لحديث أسماء بنت يزيد بن السكن قالت: إني لرسول الله ﷺ لما بنى بعائشة جلس إلى جنبها فأتي بعس لبن فشرب ثم ناولها النبي ﷺ .
2 – وضع اليد على رأس الزوجة والدعاء لها : وينبغي أن يضع يده على مقدمة رأسها عند البناء بها أو قبل ذلك وأن يسمي الله تبارك وتعالى ويدعو بالبركة ويقول ما جاء في قوله ﷺ: ( إذا تزوج أحدكم امرأة أو اشترى خادما [ فليأخذ بناصيتها ] [ وليسم الله عز وجل ] [ وليدع بالبركة ] وليقل : اللهم إني أسألك من خيرها وخير ما جبلتها عليه وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه ( وإذا اشترى بعيرا فليأخذ بذروه سنامه وليقل مثل ذلك. وهل يشرع هذا الدعاء في شراء مثل السيارة ؟ وجوابي : نعم لما يرجى من خيرها ويخشى من شرها . أخرجه البخاري في ” أفعال العباد ”
3 – صلاة الزوجين معا : ويستحب لهما أن يصليا ركعتين معا لأنه منقول عن السلف. فعن عبد الله بن مسعود أن ﷺ قال : ” إذا دخلت المرأة على زوجها يقوم الرجل فتقوم من خلفه فيصليان ركعتين ويقول : اللهم بارك لي في أهلي وبارك لأهلي في اللهم ارزقهم مني وارزقني منهم اللهم اجمع بيننا ما جمعت في خير وفرق بيننا إذا فرقت في خير ”
4 – ينبغي أن يقول حين يأتي أهله: ( بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا). قال ﷺ: ( فإن قضى الله بينما ولدا لم يضره الشيطان أبدا ” أخرجه البخاري ومسلم.
5 – كيف يأتيها: قال رسول الله ﷺ : [ لا ينظر الله إلى رجل يأتي امرأته في دبرها .
6 – الوضوء بين الجماعين : وإذا أتاها في المحل المشروع ثم أراد أن يعود إليها توضأ لقوله ﷺ: ( إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعود فليتوضأ [ بينهما وضوءا ] وفي رواية : وضوءه للصلاة ) [ فإنه أنشط في العود ] .
7 – اغتسال الزوجين معا: ويجوز لهما أن يغتسلا معا في مكان واحد ولو رأى منه ورأت منه . عن عائشة رضي الله عنها قالت : ( كنت اغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء بيني وبينه واحد [ تختلف أيدينا فيه ] فيبادرني حتى أقول : دع لي دع لي قالت : وهما جنبان ] .
8 – توضؤ الجنب قبل النوم : ولا ينامان جنبين إلا إذا توضآ. عن عائشة رضي الله عنها قالت : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يأكل أو ينام وهو جنب غسل فرجه وتوضأ وضوءه للصلاة ) .
وعن عمار بن ياسر رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال : ( ثلاثة لا تقربهم الملائكة : جيفة الكافر والمتضمخ بالخلوق والجنب إلا أن يتوضأ . وعن عائشة قالت : ( كان رسول الله ﷺ ينام وهو جنب من غير أن يمس ماء [ حتى يقوم بعد ذلك فيغتسل ] .
9 – ما يحل له من الحائض: ويجوز له أن يتمتع بما دون الفرج من الحائض وفيه أحاديث: الأول : قوله صلى الله عليه وسلم : اصنعوا كل شيء إلا النكاح .
الثاني : عن عائشة رضي الله عنها قالت : ( كان رسول الله ﷺ يأمر إحدانا إذا كانت حائضا أن تتزر ثم يضاجعها زوجها وقالت مرة : يباشرها . راوه البخاري ومسلم .
10- وجوب إحسان عشرة الزوجة : ويجب عليه أن يحسن عشرتها ويسايرها فيما أحل الله لها – لا فيما حرم – ولا سيما إذا كانت حديثة السن .
لقوله صلى الله عليه وسلم : ( خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي .
11 – وينبغي لهما أن ينويا بنكاحمها إعفاف نفسيهما وإحصانهما من الوقوع فيما حرم الله عليهما فإنه تكتب مباضعتهما صدقة لهما لحديث أبي ذر رضي الله عنه : قال النبي ﷺ: وفي بضع أحدكم صدقة قالوا : يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ؟ قال : أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليها فيها وزر ؟ [ قالوا : بلى قال : ] فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له [ فيها ] أجر [ وذكر أشياء : صدقة صدقة ثم قال : ويجزئ من هذا كله ركعتا الضحى ] .
12 – وجوب الوليمة : ولا بد له من عمل وليمة بعد الدخول لأمر النبي صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن عوف بها كما يأتي ولحديث بريدة ابن الحصيب قال : لما خطب علي فاطمة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ: لحديث أنس رضي الله عنه قال : فقال رسول الله ﷺ: فبارك الله لك أولم ولو بشاة [ فأجاز ذلك. رواه البخاري .
13 – الإجابة ولو كان صائما : وينبغي أن يجيب ولو كان صائما لقوله ﷺ: ( إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب فإن كان مفطرًا فليطعم وإن كان صائما فليصل. رواه مسلم .
ترك حضور الدعوة التي فيها معصية :
14- ولا يجوز حضور الدعوة إذا اشتملت على معصية إلا أن يقصد إنكارها ومحاولة إزالتها فإن أزيلت وإلا وجب الرجوع . فعن علي قال : ( صنعت طعاما فدعوت رسول الله ﷺ فجاء فرأى في البيت تصاوير فرجع قال : فقلت : يا رسول الله ما أرجعك بأبي أنت وأمي ؟ قال : إن في البيت سترا فيه تصاوير وإن الملائكة لا تدخل بيتا فيه تصاوير . قال الإمام الأوزاعي : ( لا ندخل وليمة فيها طبل ولا معزاف ) رواه الحربي بسند صحيح عنه.
15- الدعاء له ولزوجه بالخير والبركة: عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : قال ﷺ : ( بارك الله لك ) رواه البخاري ومسلم . وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رفأ الإنسان إذا تزوج قال : ( بارك الله لك وبارك الله عليك وجمع بينكما في ( وفي رواية : على ) خير. رواه الدارمي وأحمد وصححه الوادعي.
16- الغناء المعروف غير الفاحش والضرب بالدف: عن عائشة أنها زفت امرأة إلى رجل من الأنصار فقال نبي الله ﷺ: [ يا عائشة ما كان معكم لهو فإن الأنصار يعجبهم اللهو ؟ . أخرجه البخاري والحاكم وعنه البيهقي .
من منكرات الزفاف
ويجب عليه أن يمتنع من كل ما فيه مخالفة للشرع وخاصة ما اعتاده الناس في مثل هذه المناسبة حتى ظن كثير منهم – بسبب سكوت العلماء – أن لا بأس فيها وأنا أنبه هنا على أمور هامة منها:
1 – تعليق الصور على الجدران سواء كانت مجسمة أو غير مجسمة لها ظل أو لا ظل لها يدوية أو فوتوغرافية فإن ذلك كله لا يجوز ويجب على المستطيع نزعها إن لم يستطع تمزيقها. وفيه أحاديث : عن عائشة رضي الله عنها قالت : ( دخل علي رسول الله ﷺ وقد سترت سهوة لي بقرام فيه تماثيل ( وفي رواية : فيه الخيل ذوات الأجنحة ) فلما رآه هتكه وتلون وجهه وقال : يا عائشة أشد الناس عذابا عند الله يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله . ( وفي رواية: إن أصحاب هذه الصور يعذبون ويقال لهم: أحيوا ما خلقتم ثم قال: إن البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة ). أخرجه البخاري ومسلم .
2 – وعنها قالت: قال رسول الله ﷺ: إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة قالت : فما دخل حتى أخرجتها. والحديث أخرجه الشيخان .
3 – تدميم الأظفار وإطالتها : هذه العادة القبيحة التي تسربت من فاجرات أوربا إلى كثير من المسلمات قال ﷺ : خمس من الفطرة: الاختتان والاستحداد ( وفي رواية : حلق العانة ) وقص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط ) . متفق عليه. وقال أنس رضي الله عنه : ( وقت لنا ( وفي رواية : وقت لنا رسول الله ﷺ في قص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة أن لا تترك أكثر من أربعين ليلة . رواه مسلم وأبو عوانة وأبو داود وغيرهم .
4- حلق اللحى : ومما ابتلي به أكثر الرجال من التزين بحلق اللحية بحكم تقليدهم للأوربيين الكفار حتى صار من العار عندهم أن يدخل العروس على عروسه وهو غير حليق وفي ذلك عدة محذورات .
أ – تغيير خلق الله : وقد لعن رسول الله ﷺ المغيرات خلق الله للحسن . ولا شك في دخول اللحية للحسن في اللعن المذكور .
ب – مخالفة أمره ﷺ وهو قوله : ( أنهكوا الشوارب وأعفوا اللحى .
ج – التشبه بالكفار قال ﷺ: ( جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس البخاري واللفظ له . ومسلم وأبو عوانة في صحيحيهما عن أبي هريرة .
د – التشبه بالنساء فقد : ( لعن رسول الله ﷺ المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال ) رواه البخاري . ولا يخفى أن في حلق الرجل لحيته – التي ميزه الله بها على المرأة – أكبر تشبه بها فلعل فيما أوردنا من الأدلة ما يقنع المبتلين بهذه المخالفة عافانا الله وإياهم من كل ما لا يحبه ولا يرضاه .
نتف الحواجب : وهو من تغيير خلق الله فعنْ ابن مسعود قال ﷺ : لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ ، وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ ، وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ ، الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ تَعَالَى رواه البخاري (19 /487).
5- خاتم الخطبة: لبس بعض الرجال خاتم الذهب الذي يسمونه بـ [خاتم الخطبة) فهذا مع ما فيه من تقليد الكفار أيضا لأن هذه العادة سرت إليهم من النصارى.
6- الغناء وهو حرام لقوله تعالى(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ) [لقمان/6].
ولقوله ﷺ « لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِى أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ » عن أَبي عَامِرٍ أَوْ أَبي مَالِكٍ الأشعري. رواه البخاري(18 /447)
ويكفي في تحريمه ما قاله الصحابة والتابعون: أن الغناء صوت الشيطان . وقالوا الغناء من الأصوات الفاجرة والملعونة.
وقالوا الغناء سبب للهو عن ذكر الله والإضلال عن سبيله جل وعلا.
وقالوا الغناء من جملة الزور.
وقالوا الغناء الطرب من الباطل. غناء المعازف من أمور الجاهلية التي ذمها الله عز وجل.
وقالوا الغناء من السمود قال الله: ( وأنتم سامدون) : قال المفسرن: (هو الغناء بالحميرية ، اسمدي لنا : غني لنا) .
وقالوا الغناء بالطرب سكر النفوس. وقالوا الغناء سبب لإشاعة الفواحش.
وقالوا الغناء والطرب رقية الزنا ووقود الشهوات الفاجرة.
وعن الفضيل بن عياض أنه قال : الغناء رقية الزنا.
وقالوا الغناء زنا الأسماع.
وقالوا الغناء يؤدي إلى عشق الصور. واستحسان الفواحش ، وقالوا: إدمانه : يثقل القرآن على القلب.
وقالوا غناء المعازف شعار شارب الخمر.
وقالوا الأغاني تورث الدياثة .
وقالوا الأغاني تصد عن القرآن وتسبب سخط الرحمن .
وقالوا الاشتغال بآلات اللهو والطرب سبب لتسلط الأعداء على المسلمين .
-
التعطر للنساء.لقوله ﷺ « أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية » . رواه الحاكم عن أبي موسى الأشعري.
- الملابس الخليعة: عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ « صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلاَتٌ مَائِلاَتٌ رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ لاَ يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلاَ يَجِدْنَ رِيحَهَا وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا ». رواه مسلم. ولباس الشهرة قال رسول الله ﷺ: (من لبس ثوب شهرة في الدنيا ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة). رواه أحمد . عن بن عمر .
-
الإسراف في بطاقات الأفراح وفيها تشبه بالكفار.11- التبذير والإسراف في الملابس والمأكولات.قال الله تعالى:(وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا) [الإسراء26، 27]. أولا : أن يتطاوعا ويتناصحا بطاعة الله تبارك وتعالى واتباع أحكام دينه الثابتة في الكتاب والسنة .
وختاما أوصي الزوجين :
أولا : أن يتطاوعا ويتناصحا بطاعة الله تبارك وتعالى واتباع أحكام دينه الثابتة في الكتاب والسنة .
ثانيا: أن يلتزم كل واحد منهما القيام بما فرض الله عليه من الواجبات والحقوق تجاه الآخر فلا تطلب الزوجة – مثلا – أن تساوي الرجل في جميع حقوقه ولا يستغل الرجل ما فضله الله تعالى به عليها من السيادة. انتهى (1).
-
جمعه/ أبو اليمان عدنان بن حسين المصقري غفر الله له.
(1) من كلام الألباني رحمه الله وغيره في آداب الزفاف بتصرف.