«

»

أعظم أسباب ذل المسلمين هو عدم التمسك بالدين

بسم الله الرحمن الرحيم

هذ محاضرة قيمة جميلة لأهل جزر القمر

وهي بعنوان: [أعظم أسباب ذل المسلمين هو عدم التمسك بالدين]

لشيخنا المفضال الواعظ: أبي اليمان عدنان بن حسين الذماري المصقري حفظه اللّٰه ورعاه

تفريغ المحاضرة من هنا :

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد للّٰه والصلاة والسلام على رسول اللّٰه وعلى آله وصحبه ومن والاه وأشهد أن لا إله إلا اللّٰه وحد لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى اللّٰه عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

أما بعد:

فيقول اللّٰه سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: ﴿وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَىٰ تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [سورة الذاريات:٥٥]

وذكِّر يا محمد هذه الأمة فإن الذكرى تنفع المؤمنين.

المؤمن ينتفع من الذكرى المؤمن إذا ذُكر ذَكر وإذا أنعم اللّٰه عليه شَكر وإذا أذنب استغفر.

فيا أيها المؤمن ويا أيتها المؤمنة إنه من نعمة اللّٰه سبحانه وتعالى على العبد أن يقيض اللّٰه له من يذكره باللّٰه من يعينه على طاعة اللّٰه من يدلُّه إلى الطريق إلى اللّٰه سبحانه، هذا بلا شك من أفضل النعم لأنها نعمة تسوقك إلى الجنة الذي يذكّرك باللّٰه يريد لك الجنة يريد لك الخير يريد لك الهدى يريد لك السعادة والحياة الطيبة.

لأن الإسلام عباد اللّٰه فيه كل خير وما شرعه اللّٰه سبحانه إلا لأن فيه حل مشاكل العباد جميعاً بل إن الإسلام فيه حل الخلافات التي كانت والتي ستكون.

فاللّٰه سبحانه يمتنُّ على أهل الإسلام بقوله عز وجل: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ [سورة آل عمران:١٠٣]

(وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ) أي : اعتصموا بدين اللّٰه واعتصموا بكتاب اللّٰه واعتصموا بسنة رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم جميعاً حُكّاما ومحكومين رعاة ورعية رجالا ونساءا اعتصموا بحبل اللّٰه اعتصموا بكتاب اللّٰه وسنة رسوله لأن هذا وهو فلاح لكم وأمن لكم وأمان .

فيا عباد اللّٰه! آن لنا أن نتوب إلى اللّٰه وأن نرجع إلى اللّٰه وأن نحاسب أنفسنا وأن نراجع ديننا وأن نحُل كل مصيبة ومشكلة حلت بالأمة بكتاب اللّٰه وبسنة رسوله صلى اللّٰه عليه وسلم .

يا أهل جزر القمر! أنتم أمة مسلمة أنتم أمة مؤمنة آمنتْ باللّٰه ورضت به ربا وآمنت برسوله محمد ورضتْ به نبيا ورضيت بالإسلام دينا.

فيا عباد اللّٰه! يا أهل هذه الجزيرة المباركة! إياكم ومن يريد بكم سوءا أو فتنة عليكم بالتمسك بالإسلام عليكم بالتمسك بكتاب اللّٰه وبسنة نبيه صلى اللّٰه عليه وسلم كما أمر اللّٰه ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ [سورة آل عمران:١٠٣] .

ثم يُذكّر اللّٰه عز وجل عباده بنعمة عظيمة وهي الإسلام ؛ وهي نعمة أغلى من نعمة الدنيا أغلى من نعمة المال أغلى من نعمة الجمال أغلى من نعمة التجارة والصِّناعة والعمارة، قال سبحانه: ﴿وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا﴾ [سورة آل عمران:١٠٣] .

فأصبحتم بهذه النعمة إخوانا بعد كنتم أعداءا بعد أن كان القوي يأكل الضعيف والغني يأكل الفقير والرجل يظلم المرأة، اذكروا هذه النعمة، نعمة لا تقوم لها الدنيا هي نعمة عليكم في الدنيا ونعمة يوم القيامة.

عباد اللّٰه! إن أفضل نعمة يُنعم اللّٰه بها على العبد لهي نعمة الإسلام.

فأنت يا مسلم اختصّك اللّٰه عز وجل واصطفاك واختارك وهداك لنعمة الإسلام فهي أفضل نعمة تنجو بها من عذاب اللّٰه وتدخل بها الجنة وتنجو بها من النار.

ثم بعد ذلك نعمة السنة إذا أنعم اللّٰه عز وجل عليك بالسنة فهذه أعظم منة بعد نعمة الإسلام أن يختارك اللّٰه عز وجل من بين المسلمين لسنة النبي الكريم عليه الصلاة والسلام أن تُحرر نفسك بالإسلام من رق العبودية من عبادة غير اللّٰه إلى عبادة اللّٰه من دعاء غير اللّٰه إلى دعاء اللّٰه من السجود لغير اللّٰه إلى السجود للذي خلقك.

فإذا وفقك اللّٰه عز وجل للإسلام فهي أعظم نعمة، قال سبحانه: ﴿اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ﴾ [سورة البقرة:٤٠] .

وقال سبحانه : ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي﴾ [سورة المائدة:٣]

فأضافها اللّٰه إلى نفسه فهي نعمة عظيمة أن تُوحّد اللّٰه سبحانه أن تقول لا إله إلا اللّٰه محمد رسول اللّٰه فتكون بذلك مسلماً للّٰه لستَ يهوديا ولا نصرانيا ولا بُوذيا احمد اللّٰه.

هداك اللّٰه واصطفاك من بين ملايين الناس لنعمة الإسلام.

ثم إذا أنعم اللّٰه عليك بالسنة فقد اصطفاك اللَّه من بين أؤلئك الذين يخالفون سنة رسول اللّٰه ويخالفون منهاج رسول اللّٰه ويخالفون هدي رسول اللّٰه ويأخذون بأقوال الناس ويُذلون أنفسهم ويجعلون أنفسهم تبعا للأحزاب والطوائف والتقاليد والمذاهب.

فأنت إذا هداك اللّٰه أن تقول معتقدًا: نبيي محمد رسولي محمد قدوتي محمد أتبع محمداً عليه الصلاة والسلام أصلي كما صلى أصوم كما صام أحج كما حج فهذا هو الإسلام وهذا معنى شهادة أن محمداً رسول اللّٰه.

فتحرر نفسك من تقليد المخلوقين غير المعصومين إلى اتباع النبي H هو مخلوق ولكن اصطفاه اللّٰه واختاره اللّٰه عز وجل للنبوة وأرسله رحمة للعالمين فهو قدوة كل مسلم ومسلمة، قال اللّٰه سبحانه في كتابه الكريم:

﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [سورة آل عمران:٣١] .

وقال سبحانه: ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّىٰ فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا﴾ [سورة النساء: ٨٠].

فليس قدوتك العالم الفلاني … ولا الإمام أحمد، ولا الشافعي، ولا، أبو حنيفة.

قدوتك هو محمد عليه الصلاة والسلام لأن محمداً عليه الصلاة والسلام هو قدوة الإمام أحمد وقدوة الشافعي وقدوة أبي حنيفة وقدوة مالك وقدوة العلماء وقدوة الصحابة وقدوة السلف وقدوة التابعين قدوتهم محمد عليه الصلاة والسلام.

فيا أيها المسلم! يا أيها المؤمن باللّٰه وبنبيه محمد H! عليك بتحقيق العبودية للّٰه فعلّق قلبك للّٰه.

ثم عليك باتباع رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم وفي طاعته النجاة في طاعته السعادة في طاعته الفلاح في طاعته كل خير بأنه نبيك ورسولك H أرسله اللّٰه رحمة فمن أراد أن يرحم نفسه فليتبع محمداً H، قال اللّٰه سبحانه ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ [سورة الأنبياء:١٠٧] .

وقال سبحانه: ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ﴾ [سورة الأعراف :١٥٦-١٥٧]

لا يمكن أن تنالُك رحمة اللّٰه إلا إذا كنتَ متبعا لرسول اللّٰه إلا إذا كنت مقتديا برسول اللّٰه H.

أما إذا كنت متبعا لغيره أما إذا كنت مقلدا لغيره أما إذا كنت منتصبا لحزب غير حزب اللّٰه وغير سنة رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم فأنت مشاقق للرسول H.

أنت مسلم لابد أن تُطبق الإسلام وأن تعمل بالإسلام وأن تقوم بالإسلام وأن تُقيم الإسلام على نفسك أولا وعلى أهلك وفي بيتك وعلى ولدك وفي مالك أن تقيم الإسلام وأن تكون متبعا لنبي الأنام H.

فإذا أردتَ أن يرحمك اللّٰه، فاللّٰه تعالى يقول: ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ﴾ ثم قال: ﴿فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ﴾ أي : يتركون المعاصي ويعملون بالطاعة والذين يتبعون الرسول الأمي.

فيا أيها المسلم! عليك بسبيل الرحمة وبطريق النجاة عليك باتباع محمد صلى اللّٰه عليه وسلم فيها النجاة وَاللَّه.

واللّٰه ما ضل أكثر المؤمنين وما تشتت المسلمين وما افترقت الأمة الإسلامية وصارت شذر مذر وما حصل بها الذي حصل من القتل والقتال وسفك الدماء إلا لما تركوا طريقة رسول اللّٰه وخالفوا أمر اللّٰه وتركوا سنة رسول اللّٰه فلذا تراهُم متناحرين لذا تراهم مقاتلين ومتقاطعين لذا تراهم متدابرين.

فيا عباد اللّٰه! الحل في الرجوع إلى اللّٰه وإلى سنة رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وعلى آله وسلم.

ويا أهل جزر القمر! يا أهل هذه الجزيرة! أيها المؤمنون! نحن نوصيكم وصية للّٰه أن تأتلفوا وأن تتآخوا على كتاب اللّٰه وعلى سنة رسول اللّٰه، وتتركوا الحزبيات وتتركوا الديموقراطيات وتتركوا المُنافسات الدنيوية وراء ظهوركم، دينكم رأس أموالكم وعصمة أمركم.

كان النبي H يدعو كما جاء في مسلم عن أبي هريرة رضي اللّٰه عنه: «اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي، وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي فِيهَا مَعَاشِي، وَأَصْلِحْ لِي آخِرَتِي الَّتِي إِلَيْهَا مَعَادِيْ» .

فدينك يا عبد اللّٰه رأس مالك وعصمة أمرك تمسّك به اجعلوا دينكم أهم ما يكون أهم من الدنيا، الفقر ليس مصيبة عباد اللّٰه

ما خشي نبينا H علينا إلا التكاثر في الدنيا ما خشي علينا الفقر،.

روى أهل السنن عن أبي هريرة رضي اللّٰه عنه قال النبي عليه الصلاة والسلام: «مَا أَخْشَى عَلَيْكُمْ الفَقْرَ وَلٰكِنِّيْ أَخْشَى عَلَيْكُمْ التَّكَاثُرَ» ، وهو في الصحيح المسند للإمام الوادعي رحمه اللّٰه.

فيا عبد اللّٰه! الفقر ربما رحمة لكم لأن الدنيا كثيرها حساب وحرامها عقاب، فأنت لا تجعل الدنيا نصب عينك ومن أجلها تقتل أخاك ومن أجلها تسفك الدم ومن أجلها تقطع أخاك المسلم من أجلها تهجر أخاك ومن أجلها والعياذ باللّٰه تكون فيك الشحناء والبغضاء، هذا من قِبل الكفار الذين أورثوا بيننا العداوة والبغضاء، هذا إنما جاء من أعداء اللّٰه الذين أرادوا منا أن نتابع طريقتهم ونكون في شحناء وبغضاء، فعلينا بالرجوع إلى اللّٰه سبحانه وتعالى علينا بالإنابة إلى اللّٰه علينا بالرجوع إلى ديننا أن نراجع ديننا، كما قال النبي H: «سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ» .

فالذُّل الذي حصل للأمة لا يمكن أن يزول حتى نراجع ديننا وحتى نراجع دين اللّٰه وحتى نرجع إلى كتاب اللّٰه وسنة رسوله صلى اللّٰه عليه وعلى آله وسلم.

وفي الختام:

هذه وصيتنا وأيضاً نوصي أنفسنا وإياكم بطلب العلم والتفقه في دين اللّٰه سبحانه وتعالى وألا نقدم أهواءنا ولا نحكم أهواءنا وعقولنا بل نحكم كتاب اللّٰه وسنة رسوله صلى اللّٰه عليه وعلى آله وسلم.

ونحن نشكر لكم حسن ضيافتكم وحسن استقبالكم وحسن اكرامكم واستماعكم سواءًا مشايخ هذا البلد الكرماء أو كذلك رجالها وشبابها وكذلك من حضر منكم جميعاً من أهل هذه القرية أو من القرى المجاورة هذا دليل على حبكم للخير دليل على حرصكم على الخير دليل على أنكم تحبون الدين وتحرصون على أن تتفقوا في دينكم، فاللّٰه اللّٰه في الرجوع إلى اللّٰه.

نسأل اللّٰه أن يحفظكم من بين أيديكم ومن خلفكم وعن أيمانكم وعن شمائلكم وأن يحفظ هذا البلد وأن يحفظ له أمنه واستقراره وإيمانه.

نسأل اللّٰه أن يجعله بلدا مؤمنًا مُؤَمَّنًا، مؤمنا من الفتن مؤمنًا من القتل والقتال مؤمنا من الحزبيات والتفرقات المذهبية أو الحزبية السياسية نعم، نسأل اللّٰه تعالى أن يجعله بلدا مؤمنا مؤمنا وأن يجعله بلدا مباركا وألا يجعل بينه عداوة أو بغضاء إنه على كل شيء قدير، والحمد للّٰه رب العالمين.

وضيفنا إلى بلاد افريقيا هو الشيخ عبد الغني العمري إن شاء اللّٰه يُتحفنا بما يسر اللّٰه له فهو شيخ فاضل مؤثر بليغ.

نسأل اللّٰه تعالى أن يبارك فيه وأن يبارك فيكم جميعاً والحمد للّٰه.

_________

قام بتفريغها الفقير إلى اللّٰه عز وجل:

أَبُو جُلَيْبِيب سَاجِدٌ بْنُ نَصْرٌ الدِّيْن السِّرِيلَانْكِي وفقه اللّٰه وعافاه.

في ظهر يوم السبت ٢٨ جمادى الأولى ١٤٤٠ هـ

اللّٰه الموفق، والحمد للّٰه الذي بنعمته تتم الصالحات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام هذه HTML الدلالات والميزات: