بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الواحد المنان، الذي أنزل الفرقان، وتكلم بالقرآن، وأرسل الرسول بأتم وأحسن بيان.
وأشهد أن لا إله إلا الله الحي القيوم الرحمن، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله خاتم الأنبياء والمرسلين، وسيد ولد عدنان G تسليمًا كثيرًا من يومنا إلى يوم الدين والفرقان.
أما بعد، يقول الله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ﴾ [الأنعام: 55].
فالغلو نفاق، والحق أغلى الأرزاق، والوسطية أحسن الأخلاق.
وهذا المبحث ردٌ على الغلاة في اليمن وتنزانيا وغيرهما، كالحدادية وأتباع فالح والبكري والعمودي وغيرهم، السالكين منهج الخوارج، الذين امتلأت عقولهم بالفتن، ونشروا بين أصحابهم المحن، وقلقلوا بين أهل السنن.
سألني إياه بعض أهل الصلاح والخير لو كتبت رسالة في والغلو فأجبته إلى ذلك، وجعلت الرسالة مبحثًا مفيدًا في علاج مرض الغلو، وتأديباً لجميع الغلاة بإذن الله .
واعلم أن كل أعداء السنة كلهم غلاة من الغلاة والحدادية والمتميعين والحزبيين والرافضة والصوفية، فكلهم وقعوا في الغلو في ذم أهل السنة والحكم عليهم.
وأهل السنة هم أهل العبادة والعلم، وأهل العمل والثبات والحلم، وهم أتباع السلف الصالح في كل باب.
وهم أهل الغيرة على الحق وهم الذين يبينون شبهات أهل الباطل بصدق وهم أهل الحكمة وأهل الثبات عند الفتن.
فهم بعيدون كل البعد عن الحزبية والتمييع كما أنهم بعيدون كل البعد عن الغلو والتضييع.
وقد ابتلى الله أهل السنة بالخوارج من أهل البدع والغلو جميعًا، الذين يحاولون أن ييشغلوهم عن أعمالهم وعباداتهم ودعوتهم، ولكن الله خيرٌ حافظًا وهو أرحم الراحمين يدفع عنهم ويصرف الشر سبحانه.
وأهل الغلو خوارج وهم أشد عداوة لأهل السنة من أهل التمييع لأنهم شابهوا اليهود في غلوهم.
فالخوارج على الحكام يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان كما قال نبينا ﷺ.
والخوارج على الدعوة يطعنون ويردون على أهل السنة، ويتركون أهل الأهواء.
والحزبيون والمتميعون أضر لكونهم أتباعهم أكثر من أتباع الغلاة لأنهم يحلون ما حرم أهل السنة بالدليل، ويسهلون للناس الشبهات ويفتحون لهم أبواب الفتن ويعطونهم من الأموال والنفوس تحب الدنيا.
والغلاة من المجرمين الظلمة لأهل الحق والسنة، وهم فجرة أهل الفتنة، الذين يطعنون في أهل السنة بلا حجة واضحة، بل بشبهات داحضة.
فهم موجودون في كل بلد ويتربصون بأهل السنة في كل مكان وهم المجرمون أعداء كل عالم وداعي.
قال الله تعالى: ﴿كَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا﴾ [الفرقان: 31].
فكما أنه لكل نبي عدو فلكل وارث لهم عدو وهم أجرم الناس.
ومن صفات هؤلاء الغلاة مع أهل السنة والعلم وخاصة أهل السنة من دماج، الذين هم على ثبات وعلم، أنهم يبحثون فيهم عن الأخطاء والسيئات، ويفرحون بالزلات والهفوات.
فغايتهم الردود على أهل السنة خاصة، وبه فرحهم وهو مبلغ علمهم وبضاعتهم، وياليت أنه رد بعلم وإنصاف، ولكن بغلو وإجحاف، وهم من أجهل الناس، وأبعدهم عن العلم والعبادة.
واعلم أن أكثرهم من المدسوسين في أوساط أهل السنة لزعزعتهم وتفريقهم، فيجب الحذر منهم، ولو كان بعضهم ذكيًا، لكنه ذكاء بلا زكاء.
فهم أذا رأوا حسنة في أهل السنة دفنوها، وإذا رأوا سيئة أذاعوها ونشروها.
ونحن نحمد الله تعالى نرى أنهم جماعة قليلة وأنهم مكبوتون، ونشكر الله أن صرفهم عن الدعوة والعلم، ونرى أنه لا يقيم لهم قائمة، ولا يجعل لهم بين أهل السنة راية، ولا يحقق لهم غاية، لأنهم من أظلم الناس لأهل السنة والاتباع ومن علامة أهل البدعة الطعن في أهل السنة والجماعة.
ولن نضيع أوقاتنا معهم بحمد الله فقد وفقني الله E أن جمعت هذه الرسالة المختصرة في يومٍ واحدٍ، وجزى الله من رصها وراجعها خيرًا، وهي من كلام الله ورسوله ﷺ وكتب أهل العلم ردًا بالغاً، وتأديبًا نافعًا، بإذن الله E فلم تأخذ علي وقتًا كبيرًا ولا شغلني عن دروسي ودعوتي بفضل الله.
تنبيه مهم :
واعلم أخي أنه كما اكتشف أهل السنة قواعد خلفية وأصول حزبية تميعية لأهل الأهواء والتحزب كعدنان عرعور وأبي الحسن وأصحاب الإبانة مثل:
- نصحح ولا نجرح المخالف.
- نقوم المخالف ولا نهدم .
- نوازن بين الحسنات والسيئات للمبتدعة.
- نجتمع في ما اتفقنا عليه ويعذر بعضنًا بعضًا في ما اختلفنا فيه.
- محاسن العالم مانعة من القدح فيه والرد عليه ولو ابتدع. وكانت هي سبب التمييع واختلاط الناس بأهل البدع وعدم التميز والثبات.وكذلك اعلم: أن الغلاة والحدادية أفسدوا مع أنهم لم تنتشر بدعتهم انتشار بدعة التحزب، لأن الناس يميلون إلى الهوى والضياع والتمميع والتحزب والمعاصي أكثر من ميلهم إلى بدعة الغلو والتضييع:
- فمن علامات الغلاة والحدادية – مع أن بعض الغلاة لا يقولون ببعضها لكن من قال بواحدة منها فهو من الغلاة-:
- وهي سبب التحزب والتفرق وفتح الباب لأهل البدع للمخالفة وقد وفق الله أهل السنة فبينوا فساد هذه القواعد وبطلانها.
- وهذه القواعد وأمثالها، طبقوها في من خالف منهج السلف ومن ابتدع وتميع.
- طعنهم على من زل من علماء الإسلام في بعض مسائل الاعتقاد كابن حجر والنووي والخطابي وغيرهم، فقد أنكر عليهم أهل السنة المنصفون والعلماء الربانيون في المسائل التي زلوا فيها كالتبرك أو تأويل بعض الصفات، مع قبول علمهم والاستفادة من خيرهم وما قدموه من الخير للمسلمين وظهور إخلاصهم وصدقهم وحبهم النفع للمسلمين ورسوخ أقدامهم في العلم وخدمة المسلمين.
- تحريقهم كتب العلماء المسبوق وصفهم.
- يرون جواز مسابقة الطالب لأهل العلم في الحكم على المخالف بالبدعة والكفر والهجر وليسوا أهلا للحكم.
- تشددهم في الهجر لمن لا يستحقه من أهل السنة.
- يخالفون فتاوى أهل العلم ويسابقونهم في الرد والهجر ويرون أنفسهم أهلًا.
- إسهابهم في الجرح بلا ورع ولا علم راسخ، بل يتنطعون زعمًا منهم أنهم أهل المنهج السلفي والاتباع.
- يسيرون على قاعدة نهدم أهل العلم والسنة، ولا نقوم أهل العلم والسنة، إذا خالفوا ما يسيرون عليه.
- يسيرون على قاعدة نفضح ونجرح، ولا ننصح كل من أخطأ ولو كان من أهل السنة والحق، وممن له قدم صدق.
- يسيرون على قاعدة كل من أخطأ من أهل العلم والسنة لا ننظر إلى فضله وعلمه وقدمه، فالخطأ ولو اليسير يسمح بالتشهير والرد عليه.
- يسيرون على قاعدة البحث عن أخطاء العالم السني والتربص به، من النصح وعدم المحاباه.
- يسيرون على قاعدة الرد على أهل السنة وغيرهم ليس خاصًا بالعلماء ولا المتمكنين في العلم بل من أراد أن يرد فليرد ولو لم يستشر أهل العلم ولو لم يسمح له العلماء.وأعظم ما يشق عليهم ويكون عليهم كالصواعق أن تقول لهم التكفير والتبديع – لمن هو من أهل السنة أو معروف بها – خاص بالعلماء وليس للعوام وغير المتمكنين إلا نصرة أهل العلم الذين أدلوا بالحجج بلا تقليد ولا تمييع.وقد سئل الشيخ مقبل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى كما في «تحفة المجيب» ﺻ(226): من هو الذي يستطيع أن يُكفِّر؟ وقال شيخنا الحجوري حَفِظَهُ اللهُ تَعَالَى في «الكنز الثمين» (5/58): واعلم أخي أن أهل السنة وسط بين الغلاة والمميعة فيعاملون السني بغير معاملة المبتدع والحزبي.والسني يصحح له الزلل والمبتدع يجرح.السني يدافع عنه ويقوّم لأنه رأس مال والمبتدع لا يدافع عنه ولا ينظر إلى حسناته ولا تذكر.السني يرفق به ويتأنى في الحكم عليه ويرجع في أمره إلى أهل العلم والمبتدع يهجر.ومن خالف ما ذكرنا فهو إما حزبي مميع مريض أو غالي مريض.ولا بد من صبر على أهل الهوى قال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا﴾ . [الفرقان: 20].وأصحاب الهمم العالية هم الباحثون عن الحق، والاتباع، والناجون من الغلو والبدعة والنفاق.
- والحق منصور وممتحن فلا تعجل فهذي سنة الرحمن
- واعلم عبد الله أن الحق عزيز ومبتلى ومنصور، قال الله ﴿ولنبلونكم﴾.
- السني قد يهجر إذا وقع في معصية لكن هجره تأديبًا وعلاجًا، والمبتدع يهجر زجرًا وعقوبةً.
- السني ولي من أولياء الله والحزبي والمبتدع من أعداء الله.
- السني ينظر إلى مكانته وعلمه وثقله فلا يهدم خيره بزلل لا يصل إلى حد البدعة والحزبية.
- فالسني ينصح والحزبي يفضح ويحذر منه .
- وذكر الإمام الذهبي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في «الموقظة» أنه لابد للجارح من العلم والتقوى، وأن يكون مميزًا بين الحق والباطل، ثم قال: فلصعوبة اجتماع هذه الشروط عظم خطر الجرح والتعديل، وعلى هذا فالجرح لابد فيه من علم، فإن غير العالم قد لا يتوفر فيه شروط الجرح فيقع في أعراض المسلمين بغير حجة، لكن لغير العالم أن ينقل ما قاله العالم من الجرح في المجروحين، وذلك من التعاون على تحذير الناس من الباطل وأهله. اﻫـ
- فقال: هم أهل العلم الذين يستطيعون أن يحكموا على الشخص بأنه إما مسلم أو كافر، اللهم إلا إذا كان نصرانيًّا أو شيوعيًّا، فهذا معلوم لدى المسلمين بأنهم كفار. اﻫ
- لأنهم يحبون أن يترك لهم المجال يجرحون مشايخ وعلماء أهل السنة واحدًا واحدًا بحجة الغيرة على السنة.
- وبهذه القواعد التأصيلية عندهم، ضلوا وأضلوا وخالفوا وغلوا ولكن أهل السنة لهم بالمرصاد بحمد الله ومنته.
وقد كتبت هذا البحث لمن أراد أن يسلم من الطائفتين ويشفى من المرضين.
وقد بدأته بباب في النهي التمييع والتحزب.
ولي رسالة طبعت بعنوان القول المتين في علامات الحزبيين فيها ما يشفي ويكفي.
ثم جعلته فصولًا وأبوابًا : الفصول أربعة.
- الفصل الأول في تعريف الغلو وبيان تحريمه وما يضاده.
- وفصل ثاني في أنواع الغلو وأبوابه. وفيهما سبعة أبواب.
- وفصل ثالث في علامات أهل الغلو: وفيه ثلاثة وعشرون بابًا.
- وفصل رابع من أسباب الهداية إلى الحق وترك الغلو والجفاء. وهي عشرة أسباب.ثم أسباب الغلو. وفيه سبعة أبواب.من أسباب الغلو عدم التمسك بالإسلام والسنة.من أسباب الغلو عدم التجرد والبحث عن الحق والاجتهاد في ذلك.من أسباب الغلو التنطع.
- والفصل الثاني: في أبوب الغلو وأبوابه، وفيه ثلاثة وعشرون بابًا.
- من أسباب الغلو التأثر بالخوارج.
- من أسباب الغلو الغرور والعجب بالنفس .
- من أسباب الغلو الإعراض عن القرآن والسنة.
- فالفصل الأول: تعريف الغلو.
- من الغلو التكلف المنهي عنه.
- ومنه التكلف في الصلاة.
- ومنه التكلف في الصوم.
- ومنه الغلو في الحج ماشيًا.
- التكلف في النذر من الغلو.
- الغلو في سؤال العالم عما لا يعني السائل .
- من الغلو في الفتوى وترك تكلف الفتوى بغير علم.
- الغلو في العقيدة
- بيان من هم أهل السنة والجماعة؟
- الغلو في الإيمان بالقدر
- الغلو في الخوف والرجاء.
- التوحيد والنهي عن الغلو في الصاحين.
- موقف أهل السنة من الصالحين.
- الغلو في الأحكام.
- الغلو في العبادة.
- الغلو في قيام الليل.
- الغلو في الجهاد.
- الغلو في الحج وحصيات الرمي ونهي رسول الله ﷺ عن الغلو فيها.
- الغلو في المدح والذم
- الغلو في التعامل مع المُعلِّم
- باب التقليد فإنه ينافي تحقيق التوحيد
- الغلو في التعامل مع المبتدعة
- الغلو في التعامل مع الكفار.
- والفصل الثالث في علامات أهل الغلو:وهي سبعة عشر علامة:
- علامات الغلاة والحدادية:
- من علامات الغلاة الإحداث في دين الله
- اتباع المتشابه:
- لمز أصحاب رسول الله
- من علامات الغلاة الخروج على ولاة الأمور:
- من علامات الغلاة البعد عن العلماء رغبة عنهم الذين هم ورثة الأنبياء:
- من علامات الغلاة البعد عن العلم مع التزهيد فيه:
- ومن علامات الغلاة التكتل والتجمع سريًا في أمور الدين:
- من علامات الغلاة الولاء والبراء في بدعتهم:
- من علامات الغلاة إثارة الفرقة في أوساط أهل السنة:
- من علامات الغلاة القول بأن توحيد الحاكمية قسم رابع من أقسام التوحيد:
- كلام العلماء في توحيد الحاكمية:
- كثرة الجدل والخوض في علم الكلام:
- من علامات الغلاة الغلو في الأشخاص والتعصب لهم بالهوى:
- من علامات الغلاة قلب الحقائق:
- من علامات الغلاة الإعراض عن كتب السلف والحديث وأخذ كتب الحركيين والمتكلمين والمبتدعة:
- وفصل . في علامات الغلاة رميهم أهل السنة بالباطل:
- والفصل الرابع: في أسباب الهداية إلى الحق وترك الغلو والجفاء وهي عشرة أسباب.
- أولا: الاخلاص.
- ثانيًا: بذل الجهد في البحث عن الحق .
- ثالثًا: التمسك بالكتاب والسنة على فهم سلف الأمة .
- رابعًا: سؤال أهل العلم ومجالستهم والتتلمذ على أيديهم.
- خامسًا: معرفة علامات أهل الضلال من الغلاة والجفاة وصفاتهم.
- سادسًا: طلب العلم الشرعي والتبصر في الدين.
- سابعًا: معرفة قدر نعمة التمسك بالحق والسلامة من الغلو.
- ثامنًا: البعد عن أهل الأهواء والبدعة والغلو .
- تاسعًا: مجالسة أهل الحق.
- عاشرًا: الحذر من الدواعي والأسباب المفضية للغلو والجفاء. والله المستعان وعليه التكلان.يوم الخميس 24 صفر 1441هـ
- بمكتبة دار الحديث بدار السلام تنزانيا
- كتبه/ أبو اليمان عدنان بن حسين المصقري
- فإليك أخي بيانًا شافيًا ودواءًا كافيًا لكل من ابتلي من الجهال والمدسوسين والمتعالمين ولمن بلي بالغلو والتحذلق، والنبز في أهل السنة بتشدق، وهو من كلام الله ورسوله ﷺ وكلام علمائنا لمن أراد الله بصيرته وهدايته.