كيف تطلب العلم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ﷺ وبعد:
فهذه وصايا لطالب العلم لا بد من اصطحابها في طلبه للعلم كتبتها تلبية لطلب بعض إخواني حفظهم الله وتعاوناً على البر والتقوى :
أولاً: أن يخلص لله في طلبه للعلم والعمل به لقول الله تعالى: ﴿ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ الدِّينَ ﴾[الزمر: 2]. وقال تعالى : ﴿وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً﴾ [النساء: وطلب العلم من أعظم العبادات وأفضل القربات.
ثانياً: أن يلزم متابعة رسول الله ﷺ في عمله، وأن يتمسك بسنته، وأن يبتعد عن البدع، فإنها تهلك العلم، وتذهب ببركته قال الله تعالى : ﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ﴾[الملك: 2].أي: أخلصه وأصوبه ، ولا يتميع طالب العلم ولا يدرس في غير مراكز أهل السنة والجماعة كمراكز وجامعات الحزبيين و أهل البدع فإن التمسك بالسنة وبغض أهل البدع من أعظم الأسباب بدخول نور السنة والعلم إلى القلب وبعده عن الشبهات والشهوات.
ثالثاً: أن يستأذن أبويه، فإن هذا من البر، ومن بركة العلم، فإن أذنا له، وإلا رجع إليهما فأحسن صحبتهما، إن احتاجا إليه.
رابعاً: العمل بكل علم يعلمه، وكل سنة علم بها، ففي هذا نفع عظيم، وثبات للعلم والدين، قال الله تعالى: ﴿وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾[التوبة: 105].
خامساً: الحرص على الوقت والاجتهاد في طلب العلم وعدم محبة الدنيا والهلوع ورائها، وإنما يحرص على عدم الاستكثار منها، فيأخذ ما يعينه على طلب العلم، ويترك ما لا ينفعه.
سادساً: الاستشارة في طلب العلم، وعدم التكبر في ذلك لقول الله تعالى : ﴿وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ﴾[آل عمران: 159].
سابعاً: عدم الحسد والتطاول على من فتح الله عليه، فإن هذا مما يمحق العلم ويفسده والله المستعان.
ثامناً: التأدب مع المعلم ،والشيخ، ومن هو أرفع منه فإن هذا يتسبب في انشراح صدر المعلم ، وحبه العلم للطالب.
تاسعاً: أن لا يفرط في العبادات الواجبة والمستحبة وأن يكثر من النوافل وقيام الليل وذكر الله ودعائه واستغفاره فالعبادة لها أثر عظيم في نيل العلوم وتسهيل المشاق قال الله تعالى : ﴿واستعينوا بالصبر والصلاة ﴾.
عاشراً: التدرج في طلب العلم فإن هذا من المهم، ولا يتسرع للخروج أو للبحث أو قراءة الشروح قبل إتقانه علوم الآلة , التي يفهم بها العلم الشرعي فهماً صحيحاً سالماً من الزلات العقدية، والشطحات الفقهية، والألحان النحوية، والتساهلات والتعنتات التجويدية،والأخطاء الإملائية، وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى وجعل أعمالنا خالصةًً لوجهه الكريم. وجعلها ابتغاء مرضاته وجنته، وحذراً من ناره وغضبه.
يبدأ طالب العلم بـ :
حفظ القرآن على أهله القراء، والاهتمام بلفظه، ومعناه، ولو مكث في ذلك سنوات عديدة، فإن القرآن هو أول العلوم، وأصلها.
ثم يحفظ من السنة،وأقوال رسول الله ﷺ بالنص مع الاهتمام بمعناها ويبدأ بالأربعين النووية، ثم عمدة الأحكام ،ثم اللؤلؤ والمرجان أو رياض الصالحين ،ثم صحيح مسلم ثم صحيح البخاري ثم الصحيح المسند.
ثم يحفظ المتون العلمية، الصغيرة ويفهمهما مع دراستها ويبدأ بها تدريجاً:
يبدأ في العقيدة :فيحفظ بعد كتاب الله الأصول الثلاثة والمبادئ المفيدة والواسطية والطحاوية والسفارينية أو القيروانية أو سلم الوصول.
وفي الدروس يدرس شروح الأصول الثلاثة، أوالقول المفيد،أوالمبادئ المفيدة ثم كشف الشبهات ثم لمعة الاعتقاد ،ثم القواعد المثلى،ثم الدر النضيد ثم كتاب التوحيد ثم شرحه فتح المجيد ،ثم الواسطية، ثم الطحاوية ثم شرح الطحاوية لابن أبي العز ثم التدمرية ثم الحموية، وهذه الكتب لا بد من فهمهما أولاً، ثم يتوسع الطالب في غير ذلك من الشروح، وكتب الإيمان والسنة.
وفي التجويد: يحفظ تحفة الأطفال،ثم الجزرية.
ويتخذ معلماً مقرئاً. ،وفي الدروس يدرس شروح تحفة الأطفال،و الجزرية ،ثم البرهان، وإن اكتفى بالدرسين الأولين مع مقرئٍ فلا بأس . وفي المصطلح:يحفظ البيقونية ،أو قصب السكر ثم ألفية السيوطي أو العراقي والأولى أحسن.
وفي الدروس يدرس شروح البيقونية، ثم الموقظة، ثم الباعث، ثم النزهة،ثم التقييد والإيضاح،ثم دروس البحث والتخريج.
وفي اللغة :يحفظ الآجرومية أو نظمها ، ثم ملحة الإعراب أو ألفية ابن مالك إن قوي عليها.
ويبدأ بتعلم الخط وتحسين خطه وبخاصة خط النسخ والرقعة، ولا يشتغل بباقي الخطوط التي في تعلمها ضياع للوقت.
وفي الدروس يدرس الإملاء ويتقنه , وكتبه كلها مفيدة.ويدرس شروح الآجرومية ،ثم المتممة،ثم شروح المتممة ثم قطر الندى ثم موصل الطلاب ثم شرح ابن عقيل ثم إن أراد التوسع فيدرس أوضح المسالك ومختصر مغني اللبيب ثم دروس البلاغة.
وفي الصرف: يحفظ لامية الأفعال وزياداتها وصرف الألفية.و يدرس المدخل في علم الصرف ،ثم فتح الودود اللطيف ،ثم شروح لامية الأفعال، كتحنيك الأطفال ثم شرح ابن عقيل على صرف الألفية وهو من باب التأنيث فما بعد ،ثم شذى العرف.
وفي أصول الفقه: يحفظ الورقات أو منظومة العمريطي وإن شاء التوسع فيحفظ مراقي السعود.
وفي الدروس يدرس شروح الأصول من علم الأصول ، وشروح الورقات ثم المذكرة للشنقيطي ويحذر من علم الكلام وشطحات بعض الأصوليين.
وفي الفقه: يحفظ فيه القرآن وشيئاً من السنة كالصحيحين وبلوغ المرام فالقرآن والسنة أصل الفقه بل وأصل كل العلوم.
وفي الدروس يدرس شروح عمدة الأحكام،ثم بلوغ المرام أو عمدة الأحكام الكبرى أو الدراري أو نيل الأوطار،ثم شروح صحيح البخاري ومسلم.
وفي الفرائض:يحفظ الرحبية أو البرهانية بعد حفظ النصوص في الباب.
ويدرس شروح الرحبية أو الرائد في علم الفرائض أو الفائض لأخينا أبي محمد عبد الوهاب الشميري.
ويتوسع بعد ذلك فيما يسهل الله له من كتب العلوم المفيدة.
تنبيه : (والهمم تختلف فمن استطاع أن يحفظ متناً قبل متن أو يدرس الأعلى ويكتفي به كأن يدرس التحفة ثم الألفية أو يدرس الورقات ثم المذكرة فحسن وبهذا أوصى بعض أهل العلم لمن قدر عليه).
وينصح الأعاجم وفقهم الله أن يحرصوا أولاً على تعلم اللغة العربية والتحدث بها كثيراً وهجر لغات الكفار لغير حاجة ثم يأخذون بالنصائح السابقة وأحسن مكان لهم ولغيرهم إن شاء الله لهو دار الحديث بدماج فلا يصدقوا فيه,الحاسدين والحاقدين.
وأخيراً: اعلم يا طالب العلم أن ثبات العلم وبركته إنما هو بنشره وتدريسه والعمل به والثبات على السنة وعدم التميع والذبذبة، وكما قال الذهبي رحمه الله والعلم ليس بكثرة الرواية ولكنه نور يقذفه الله في القلب . والحمد لله. والحمد لله رب العالمين.

مرتبط

أضف تعليقاً إلغاء الرد

أحدث المقالات :

الإنتقال السريع :